مثل ذوي الأرحام عند من لم يورث ذوي الأرحام مثل بنت الأخ وبنت العم والخالة والعمة.
والضرب الآخر يرثون لكن ربما يكون معهم من يحجبهم، مثل الأخت مع الأب والولد، فإنه يستحب أن يوصي لهم وليس بواجب.
وعندنا أن الوصية لهؤلاء كلهم مستحبة.
باب الحث على الوصية:
قال الله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين. فمعنى كتب فرض إلا أنه هاهنا معناه الحث والترغيب دون الفرض والإيجاب.
وفي الآية دلالة على أن الوصية للوارث جائزة لأنه تعالى قال: للوالدين والأقربين، والوالدان وارثان بلا خلاف إذا كانا مسلمين حرين غير قاتلين عمدا وظلما، ومن خص الآية بالكافرين فقد قال قولا بلا دليل، ومن ادعى نسخ الآية فلا نسلم له ذلك بلا دليل.
وبمثل ما قلناه قال محمد بن جرير الطبري سواء، فإن ادعوا الاجماع على نسخها كان ذلك دعوى باطلة ونحن نخالف في ذلك، وقد خالف في نسخها طاووس، فإنه خصها بالكافرين لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ، وقد قال أبو مسلم محمد بن بحر: إن هذه الآية مجملة وآية المواريث مفصلة وليست نسخا، فمع هذا الخلاف كيف يدعي الاجماع على نسخها؟
ومن ادعى نسخها بقوله ع: لا وصية لوارث، فقد أبعد لأن هذا أولا خبر واحد لا يجوز نسخ القرآن به إجماعا، ولو سلمنا الخبر لجاز أن نحمله على أنه لا وصية لوارث فيما زاد على الثلث، لأنا لو خلينا وظاهر الآية لأجزنا الوصية بجميع ما يملك للوالدين والأقربين.
فأما من قال: إن الآية منسوخة بآية المواريث فقوله أيضا بعيد من الصواب لأن الشئ إنما ينسخ غيره إذا لم يمكن الجميع بينهما، فأما إذا لم يكن بينهما تناف ولا تضاد بل يمكن الجمع بينهما فلا يجب حمل الآية على النسخ، ولا تنافي بين ذكر ما فرض الله للوالدين وغيرهما من الميراث وبين الأمر للوصية لهم على جهة الخصوص، فلم يجب حمل الآية على النسخ.