كتاب الهبات والنظر في الحقيقة والحكم:
النظر الأول: في الحقيقة الهبة: هي العقد المقتضي تمليك العين من غير عوض تمليكا منجزا مجردا عن القربة، وقد يعبر عنها بالنحلة والعطية. وهي تفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض.
فالإيجاب: كل لفظ قصد به التمليك المذكور كقوله مثلا: وهبتك وملكتك، ولا يصح العقد إلا من بالغ كامل العقل جائر التصرف، ولو وهب ما في الذمة فإن كانت لغير من عليه الحق لم يصح على الأشبه لأنها مشروطة بالقبض، وإن كانت له صح وصرفت إلى الإبراء ولا يشترط في الإبراء القبول على الأصح ولا حكم للهبة ما لم تقبض، ولو أقر بالهبة والإقباض حكم عليه بإقراره ولو كانت في يد الواهب، ولو أنكر بعد ذلك لم يقبل ولو مات الواهب بعد العقد وقبل القبض كانت ميراثا.
ويشترط في صحة القبض إذن الواهب، فلو قبض الموهوب من غير إذنه لم ينتقل إلى الموهوب له، ولو وهب ما هو في يد الموهوب له صح ولم يفتقر إلى إذن الواهب في القبض ولا أن يمضى زمان يمكن فيه القبض وربما صار إلى ذلك بعض الأصحاب، وكذا لو وهب الأب أو الجد للولد الصغير لزم بالعقد لأن قبض الولي قبض عنه، ولو وهبه غير الأب أو الجد لم يكن له بد من القبض عنه سواء كان له ولاية أو لم تكن وبتولي ذلك الولي أو الحاكم.
وهبة المشاع جائزة وقبضه كقبضه في البيع.
يكن له بد من القبض عنه سواء كان له ولاية أو لم تكن وبتولي ذلك الولي أو الحاكم.
ولو وهب لاثنين شيئا فقبلا وقبضا ملك كل واحد منهما ما وهب له، فإن قبل أحدهما وقبض وامتنع الآخر صحت الهبة للقابض: