باب الهبة والصدقة والسكنى والعمرى والرقبى والحبس الهبة والنحلة واحد، وهي: عقد على مال بغير عوض، وشرط صحته الإيجاب والقبول، وإقباض الموهوب الموهوب له أو وليه كالوصي والأب والجد، فإن وهب ولده الطفل صحت الهبة لأنه القابض عنه، ولا يصح القبض إلا بإذن الواهب، فإن قبض بغير إذنه لم يصح، فإن وهبه ما في يده وأذن له في قبضه ومضى زمان يمكن القبض فيه صحت الهبة. وقيل: يصح في الحال لأنه قابض وإن لم يأذن.
ويصح هبة المشاع مما ينقسم ومما لا ينقسم كالبيع، ويصح هبة الواحد لشخصين وبالعكس، فإن قبض أحدهما صح في النصف. ويصح بلفظ الهبة والنحلة وما في المعنى، ولا تصح هبة المعدوم والحمل ولا ما في ذمة غير الموهوب له، ولا المجهول كشاة من قطيع، فإن وهبه ما في ذمته صح وكان إبراء ولا يفتقر إلى قبول المبرأ ولا رجوع فيه.
ولا يصح هبة ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء والدهن في السمسم. ولو وهب للصغير فقبضت أمه أو من يربيه أو قبض هو لم يصح فإن مات الواهب قبل القبض فهي ميراث لورثته، وإذا وهبه هبة فتلفت في يد الموهوب له واستحقت فرجع عليه بقيمتها أو مثلها، ولم يرجع على الواهب لأنه متبرع.
وإذا وهبه الأمة والدابة إلا حمليهما صحت الهبة والحمل خارج عنهما، وللواهب الرجوع في هبته على كراهية وخاصة في هبة أحد الزوجين زوجة إذا كانت عينها قائمة، وإن كانت تالفة أو تصرف فيها الموهوب له كقصر الثوب وركوب الدابة وتقبيل الجارية