الهبة عقد جائز وإذا وهب الانسان هبة صحيحة وباعها قبل القبض كان البيع ماضيا وانفسخت الهبة، وإن كان بعد القبض كان البيع باطلا، فإن كانت الهبة فاسدة وباعها قبل القبض كان البيع صحيحا، وإن كان البيع بعد القبض وكان يعتقد أنها صحيحة وأن الموهوب له قد ملكها صحت ولم يصح بيعها لأن ذلك صار ملكه.
وإذا كانت الهبة إنما يلزم بالقبض وقبضها الموهوب له بإذن الواهب صحت وثبت له الملك من حين القبض، فإن قبضها بغير إذن الواهب له في قبضها كان القبض فاسدا ووجب عليه ردها.
وإذا وهب شيئا وقبل الموهوب له الهبة ومات الواهب قبل القبض لم يبطل العقد بموته وقام الوارث مقامه في ذلك. وإذا وهب لغيره هبة وقبل الموهوب له ذلك وأذن الواهب له في قبضها ثم رجع عن ذلك قبل القبض لم يجز للموهوب له قبضها، فإن قبضها بعد الرجوع لم يكن قبضه لها صحيحا، وإن يرجع الواهب بعد القبض كان الهبة صحيحة ولزم العقد ولم ينفعه رجوعه بعد ذلك.
وإذا قال: وهبت لك هذا الشئ، وقبل الهبة وأقبضته إياها كان العقد صحيحا ولزم بإقراره ولا فرق في ذلك بين أن تكون الهبة في يد الواهب أو في يد الموهوب له لأن كونه في يد الواهب لا يدل على أنه ما أقبضه من حيث أنه يجوز أن يكون أقبضه ثم رجع إليه بسبب آخر، فإن قال بعد ذلك: ما كنت أقبضته إياها وإنما كنت وعدته بالقبض، لم يقبل رجوعه عن إقراره لأنه يكذب نفسه فيما تقدم من إقراره، فإن أراد يمينه على أنه كان أقبضه كان له ذلك.
وإذا قال: وهبت له هذا الشئ وخرجت إليه منه، لم يكن ذلك صريحا في القبض، فإن كان في يد الموهوب له كان ذلك جائزا وإقرارا بالقبض ويكون ذلك إمارة على أنه أراد به القبض، وإن كان في يد الواهب لم يلزمه الإقرار بالقبض ويكون معنى قوله: خرجت إليه منه، أنه أذن له في القبض ولم يقبض ذلك بعد.