فإن هذه العمومات لا تشمل الأخبار الحدسية ولو كان المخبر بها من الثقات.
وأغرب منه أن يقال: إن المتيقن من الأخبار الحدسية الخارجة عن هذه العمومات هي ما لا تعتمد على مبادي محسوسة يلزم من العلم بها العلم بمضمون الخبر، وأما لو اعتمد على مبادي محسوسة يلزم من العلم بها العلم بصدق الخبر، كما في الشجاعة والسخاوة والعدالة، بناء على تفسيرها بمعنى الملكة، فلا يظن بأحد أن يتوقف في عموم أدلة خبر العدل لها، وأخبار السيد باعتبار الفقه الرضوي من قبيل الثاني لا الأول.
ووجه الغرابة في هذا القول إن الأخبار بالأمور الحدسية بواسطة أسبابها الحسية إنما يكون مشمولا لأدلة الحجية إذا كان بين الأسباب ومسبباتها ملازمة عادية، بحيث يلزم من العلم بها العلم بالمسببات كما في الأمثلة المذكورة، وأما إذا انتفت الملازمة العادية فأدلة حجية الخبر لا تشمله كما حقق ذلك في علم الأصول.
وهذا الشرط مفقود في موضوع البحث فإن الأمور التي استند إليها السيد في اخباره قابلة للمنع، فإنه كيف يعلم أحد أن الخطوط في النسخة للإمام (عليه السلام) وأن الإجازات للأعلام إلا من طريق الحدس الشخصي، إذن فإن الأمور المذكورة حدسية لا حسية، وأيضا فلا ملازمة بينها وبين العلم بالنتيجة.
فإن قلت: كيف يصح انكار ما يدل على صدق نسبة الكتاب للإمام (عليه السلام)، مع أن فيه عبارات تنطق بكونه له (عليه السلام)، مثلما قال في أول الكتاب:
يقول عبد الله علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) (1)، وفي بعض كلماته: نحن