وأما قوله: إن آثار الصدق منها ظاهرة، فلا ندري ماذا يريد هذا القائل من هذه الآثار: أهي غموض الرواية واضطرابها، أم تكرار جملها وألفاظها، أم كثرة ضمائرها وتعقيدها، أم اشتمالها على أحكام لم يفت بها أحد من الأصحاب ومن أهل السنة، كحرمة بيع جلود السباع والانتفاع بها وامساكها وجميع التقلب والتصرف فيها، مع أن الروايات المعتبرة إنما تمنع عن الصلاة فيها فقط لا عن مطلق الانتفاع بها، كموثقة سماعة (1) وغيرها، وكحرمة الانتفاع بالميتة ولو كانت طاهرة، وسيأتي خلاف ذلك في بيع الميتة، وكحرمة التصرف والامساك فيما يكون فيه وجه من وجوه الفساد، وسيظهر لك خلاف ذلك من المباحث الآتية.
ومما ذكرنا ظهر عدم انجبارها بالاجماع المنقول على تقدير حجيته.
2 - إن فتاوى أكثر الفقهاء إن لم يكن كلهم لا تطابق بعض جمل الرواية فكيف ينجبر ضعفها بالشهرة الفتوائية بينهم.
فإن مقتضى بعض فقراتها حرمة بيع النجس مطلقا، مع أنه لم يلتزم به إلا النادر من الفقهاء، بل في بعض فقراتها حرمة إمساكه والتقلب فيه، ولم يفت بهذا أحد فيما نعلم.
مضافا إلى أن ظاهر الرواية هو حرمة بيع الأمور المذكورة تحريما تكليفيا، ويدل على ذلك من الرواية قوله (عليه السلام): فهو حرام بيعه وشراؤه ، وامساكه وملكه، وهبته وعاريته، والتقلب فيه.
فإن الامساك والتقلب يشمل جميع أنواع التصرف حتى الخارجي منه، ولا معنى لحرمته وضعا، والفقهاء (قدس سرهم) لم يلتزموا في أكثر