إلا أنه ذهب جمع منهم (1) إلى حرمة التصرف في تلك الأراضي وفي خراجها بدون إذنه، بتوهم أنه ولي الأمر في ذلك بعد غصبه الخلافة، لأن موضوع التصرف فيها هو السلطنة وإن كانت باطلة، فإذا تحققت يترتب عليها حكمها.
إلا أنك قد عرفت سابقا عدم الدليل على ذلك، بل غاية ما ثبت لنا من الأخبار الكثيرة التي تقدم بعضها هو نفوذ تصرفات الجائر فيما أخذه من الناس باسم الخراج والمقاسمة والصدقة، بمعنى أن الشارع قد حكم بجواز أخذها منه وببراءة ذمة الدافع منها، وإن بقي الجائر مشغول الذمة بها ما لم يؤدها إلى أهلها، وقد عرفت ذلك فيما سبق.
وتقدم أيضا أن حكم الشارع بنفوذ معاملة الجائر على النحو المذكور إنما هو لتسهيل الأمر على الشيعة، لكيلا يقعوا في العسر والحرج في معاملاتهم وأمور معاشهم، ولم يدل دليل على أزيد من ذلك حتى أنه لو أمكن انقاذ الحقوق المذكورة من الجائر، ولو بالسرقة والخيانة، وايصالها إلى أهلها وجب ذلك فضلا عن أن ترد إليه.
ثم لا يخفى أن المستفاد من بعض الأخبار (2) إنما هو حرمة دفع الصدقات إلى الجائر اختيارا، وبعدم القول بالفصل بينها وبين الخراج والمقاسمة تحكم بحرمة دفعهما إليه أيضا اختيارا، بل يمكن استيناس