أقول: الكلام في المعاملة المشتملة على المحاباة بعينه هو الكلام فيما تقدم من الرشوة، فإذا باع من القاضي ما يساوي عشرة دراهم بدرهم كان الناقص من الرشا المحرم، وإن كان غرضه من ذلك تعظيم القاضي أو التودد المحض أو التقرب إلى الله فلا وجه للحرمة.
ثم إن في حكم بذل العين له بذل المنافع، كسكنى الدار وركوب المراكب ونحوهما من المنافع كما لا يخفى.
وأما ما يرجع إلى الأقوال كمدح القاضي والثناء عليه فلا يعد رشوة فضلا عن كونه محرما لذلك، نعم لو كان ذلك إعانة على الظلم كان حراما من هذه الجهة.
قوله: وفي فساد المعاملة المحابي فيها وجه قوي.
أقول: لا وجه لفساد المعاملة المشتملة على المحاباة المحرمة، إلا إذا كان الحكم للمحابي شرطا فيها وقلنا بأن الشرط الفاسد مفسد للعقد فيحكم بالبطلان.
فائدة:
الظاهر من الأخبار المتقدمة أن منزلة الرشوة منزلة الرباء، فكما أن الرباء حرام على كل من المعطي والآخذ والساعي بينهما، فكذلك الرشوة فإنها محرمة على الراشي والمرتشي والرائش، أي الساعي بينهما، يستزيد لهذا ويستنقص لذلك.
نعم لا بأس باعطائها إذا كان الراشي محقا في دعواه ولا يمكن له الوصول إلى حقه إلا بالرشوة، كما استحسنه في المستند (1) لمعارضة الاطلاقات تحريمها مع أدلة نفي الضرر، فيرجع إلى الأصل لو لم يرجح