وهذا النزاع إنما يكون له أثر فيما إذا كانت الدعوى قبل تلف العين مع عدم كون الهبة لذي رحم أو على وجه قربي، فإنه يترتب على النزاع حينئذ استرجاع العين من الموهوب له، وأما إذا كان النزاع بعد التلف فلا أثر له بوجه، فإنه لا ضمان للهبة بعد التلف، سواء أكانت فاسدة أم صحيحة.
وعليه فلا وجه لما ذكره المصنف (رحمه الله) من قوله: ولأصالة الضمان في اليد إذا كانت الدعوى بعد التلف.
وقد يقال هنا بالضمان لعموم قاعدة على اليد، لأن وضع القابض يده على مال الدافع محرز بالوجدان وعدم كونه بالهبة الصحيحة الناقلة محرز بالأصل، فيلتئم الموضوع منهما ويترتب عليه الحكم بالضمان، ولا يعارض ذلك الأصل بأصالة عدم الهبة الفاسدة، لأنها لا أثر لها.
والتحقيق هو القول بعدم الضمان، لأن أصالة الصحة في العقود تتقدم على جميع الأصول الموضوعية، وعليه اتفاق كافة العلماء وبناء العقلاء.
لا يقال: الدافع إنما يدعي ما لا يعلم إلا من قبله فيقدم قوله في دعواه لأنه أعرف بضميره.
فإنه يقال: لا دليل على ثبوت هذه القاعدة في غير الموارد الخاصة، كاخبار المرأة عن الحمل أو الحيض أو الطهر، فلا يجوز التعدي إلى غيرها.
3 - أن يكون مصب الدعوى أمرا مختلفا، كما إذا ادعى الباذل أنها رشوة محرمة أو أجرة على الحرام وادعى القابض كونها هبة صحيحة.
والظاهر هنا تقديم قول الدافع لأصالة عدم تحقق الهبة الصحيحة الناقلة، فإنها أمر وجودي وموضوع للأثر فالأصل عدمها، ولا تعارضها