وتدل على حرمتها في الجملة الروايات المتظافرة، وسنذكرها في الحاشية، وقوله تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم (1).
ووجه الدلالة أنه تعالى نهى عن الادلاء بالمال إلى الحكام لابطال الحق وإقامة الباطل حتى يأكلوا بذلك فريقا من أموال الناس بالإثم والعدوان، وهذا هو معنى الرشوة، وإذا حرم الاعطاء حرم الأخذ أيضا للملازمة بينهما.
لا يقال: إن الآية إنما نزلت في خصوص أموال اليتامى والوديعة والمال المتنازع فيه، وقد نهى الله تعالى فيها عن اعطاء مقدار من تلك الأموال للقضاة والحكام لأكل البقية بالإثم والعدوان، وعلى هذا فهي أجنبية عن الرشوة.
فإنه يقال: نعم قد فسرت الآية الشريفة بكل واحدة من الأمور المذكورة (2)، إلا أن هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق والقرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق بل يجري كجري الشمس والقمر، كما دلت عليه جملة من الروايات، وقد ذكرناها في مقدمة التفسير، على أن في مجمع البحرين عن الصحاح: أن قوله تعالى: وتدلوا بها إلى الحكام، يعني الرشوة (3).