وأما ما ذكره أخيرا من كون الحصر ليس إضافيا فهو متين، ولكن لا من جهة كونه خلاف الظاهر بل من جهة أنه لا معنى للحصر الإضافي في قبال الحصر الحقيقي، غاية الأمر أن دائرة الحصر تختلف سعة وضيقا، وقد تقدم ذلك في أول الكتاب (1).
وقال العلامة في المختلف (2): إن تعين القضاء عليه إما بتعيين الإمام (عليه السلام) أو بعقد غيره أو بكونه الأفضل وكان متمكنا لم يجز الأجر عليه، وإن لم يتعين أو كان محتاجا فالأقرب الكراهة، لنا الأصل الإباحة على التقدير الثاني، ولأنه فعل لا يجب عليه فجاز أخذ الأجر عليه، أما مع التعيين فلأنه يؤدي واجبا فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كغيره من العبادات الواجبة.
وفيه: أنه لا وجه لذكر هذا التفصيل في المقام، فإن حرمة الأجرة على القضاء لكونه واجبا عينيا أو كفائيا من صغريات البحث عن أخذ الأجرة على الواجب الذي سيأتي الكلام فيه، وكلامنا هنا في حكم أخذ الرشوة على القضاء من حيث هي رشوة لا من جهات أخر.
وعليه، فمقتضى الاطلاقات الدالة على حرمة أخذ الأجرة على الحكم هو عدم الفرق بين صورتي الاحتياج إلى أخذ الأجرة والانحصار وبين عدمهما كما هو واضح.
ومن هنا ظهر أنه لا وجه لقول المصنف: وأما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص أدلة المنع بصورة الاستغناء.
ثم الظاهر أنه لا يجوز أخذ الأجرة والرشوة على تبليغ الأحكام