أقول: الظاهر أن الأمر بالاعفاء عقيب الاحفاء ثم النهي عن التشبه باليهود ما ذكره المحدث القاساني (رحمه الله) بعد نقل الحديث (1)، من أن اليهود لا يأخذون من لحاهم بل يطيلونها، فذكر الاعفاء عقيب الاحفاء، ثم النهي عن التشبه باليهود دليل على أن المراد بالاعفاء أن لا يستأصل ويؤخذ منها من دون استقصاء، بل مع توفير وابقاء بحيث لا يتجاوز القبضة فتستحق النار.
وعلى هذا فلا دلالة في ذلك على حرمة حلق اللحية، لأن المأمور به حينئذ هو الاعفاء وابقاء اللحية بما لا يزيد على القبضة، وهو ليس بواجب قطعا.
وأما النهي عن التشبه بالمجوس عقيب الاعفاء والاحفاء، فالمراد به أن لا تحلق اللحية وتترك الشوارب كما يصنعون، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم، وأما نحن نجز الشوارب ونعفي اللحى، وهي الفطرة، وعليه فلا يدل هذا النهي على حرمة حلق اللحية وترك الشوارب معا، فإن نفي التشبه يحصل بفعل أي منهما.
وأما ما يقال من أن الروايات لا تدل على وجوب الاعفاء لاشتمالها على قص الشوارب وهو مستحب اتفاقا.
ففيه: أن ظهور الأمر في الوجوب إنما ترفع اليد عنه بمقدار ما ثبت فيه الترخيص، وقد حققنا ذلك في موضعه.
3 - رواية الجعفريات (2) الدالة على أن حلق اللحية من المثلة ومن مثل فعليه لعنة الله.