أقول: هذا ينافي ما تقدم منه في بيع الأبوال، من حمل النبوي على كون الشحوم محرمة الانتفاع على اليهود بجميع الانتفاعات.
قوله: ومنه يظهر أن الأقوى جواز بيع السباع، بناء على وقوع التذكية عليها، أقول: يجوز بيع جلود السباع والانتفاع بها على وجه الاطلاق لجملة من الأخبار التي ذكرناها في بيع المسوخ والسباع، وعليه فلا وجه لدعوى أن النص إنما ورد ببعضها فقط فيجب تقييد جواز البيع به كما في المتن.
ثم إن السباع مما يقبل التذكية كما هو المشهور، بل عن السرائر الاجماع عليه، وتدل عليه موثقة سماعة التي تقدمت في مبحث جواز الانتفاع بالميتة عن جلود السباع ينتفع بها، قال (عليه السلام): إذا رميت وسميت فانتفع بجلده، إلا أنه لا وجه لتعليق جواز بيعها على قبول التذكية إلا على القول بحرمة الانتفاع بالميتة، وإلا فلا مانع من بيعها في حال الحياة للانتفاع بجلودها بعد الموت.
قوله: ولو غصبه غاصب كان عليه مثله إن كان مثليا.
أقول: الدليل على الضمان إنما هو السيرة القطعية من العقلاء والمتشرعة، وعليه فلا بد وأن يخرج من عهدة الضمان، إما برد عينه أو مثله، ومع فقدهما لا يمكن الخروج منها بأداء القيمة، بل أصبح الغاصب مشغول الذمة لصاحب العين إلى يوم القيامة مثل المفلس، إذ الانتقال إلى القيمة إنما هو فيما إذا كان التالف من الأموال فلا ينتقل إليها إذا لم يكن التالف مالا.
وربما يتمسك للقول بالضمان بقاعدة ضمان اليد لشمولها لمطلق المأخوذ بالغصب، سواء كان من الأموال أو من غيرها.