بمعنى الإرادة والاختيار أم بمعنى الالتفات لا يعتبر في مفهوم الإعانة، وعلى الجملة لا نعرف وجها صحيحا لاعتبار القصد بأي معنى كان في صدق الإعانة.
ومن هنا لا نظن أن أحدا ينكر تحقق الإعانة باعطاء السيف أو العصا لمن يريد الظلم أو القتل، ولو كان المعطي غير ملتفت إلى ضمير مريد الظلم أو القتل أو كان غافلا عنه، نعم لو نسب ذلك إلى الفاعل المختار انصرف إلى صورة العلم والالتفات.
2 - الذي يوافقه الاعتبار ويساعد عليه الاستعمال هو تقييد مفهوم الإعانة بحسب الوضع بوقوع المعان عليه في الخارج ومنع صدقها بدونه.
ومن هنا لو أراد شخص قتل غيره بزعم أنه مصون الدم، وهيأ له ثالث جميع مقدمات القتل ثم أعرض عنه مريد القتل أو قتله، ثم بان أنه مهدور الدم، فإنه لا يقال إن الثالث أعان على الإثم بتهيئة مقدمات القتل، كما لا تصدق الإعانة على التقوى إذا لم يتحقق المعان عليه في الخارج، كما إذا رأى شبحا يغرق فتوهم أنه شخص مؤمن فأنقذه إعانة منه له على التقوى فبان أنه خشبة.
وقد يمنع من اعتبار وقوع المعان عليه في الخارج في مفهوم الإعانة وصدقها، بدعوى أنه لو أراد رجلان التهجم على بيضة الاسلام أو على قتل النفوس المحترمة فهيأ لهما آخران جميع مقدمات القتال فمضى أحدهما وندم الآخر، فإنه لا شبهة في استحقاق كل من المهيئين الذم واللوم من جهة الإعانة على الإثم، وإن تحقق الفعل المعان عليه في أحدهما ولم يتحقق في الآخر، فلو كان ذلك شرطا في صدق الإعانة لم يتوجه الذم إلا على الأول.
وفيه: أن الصادر من النادم ليس إلا التجري، وهو على تقدير الالتزام