وعليه فالحكم هو جواز الإعانة عليه إلا ما خرج بالدليل، كإعانة الظالمين وإعانة أعوانهم وتهيئة مقدمات ظلمهم، لاستفاضة الروايات على حرمة إعانتهم وتقويتهم وتعظيم شوكتهم، ولو بمدة قلم أو بكتابة رقعة أو بجباية خراج ونحوها، وستأتي هذه الروايات في البحث عن معونة الظالمين.
بل الحرمة في هذا النحو من الإعانة مما استقل به العقل وقامت عليه ضرورة العقلاء، بل قال في العروة في مسألة من صلاة المسافر: أنه لو كانت تبعية التابع إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام، وإن كان سفر الجائر طاعة فإن التابع حينئذ يتم، مع أن المتبوع يقصر.
قوله: بعموم النهي عن التعاون على الإثم والعدوان.
أقول: استدلوا على حرمة الإعانة على الإثم بوجوه:
1 - قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (1)، فإن ظاهرها حرمة المعاونة على الإثم والعدوان مطلقا.
وفيه: أن التعاون عبارة عن اجتماع عدة من الأشخاص لايجاد أمر من الخير أو الشر ليكون صادرا من جميعهم، كنهب الأموال وقتل النفوس، وبناء المساجد والقناطر، وهذا بخلاف الإعانة، فإنها من الأفعال وهي عبارة عن تهيئة مقدمات فعل الغير مع استقلال ذلك الغير في فعله.
وعليه فالنهي عن المعاونة على الإثم لا يستلزم النهي عن الإعانة على الإثم، فلو عصى أحد فأعانه الآخر فإنه لا يصدق عليه التعاون بوجه، فإن باب التفاعل يقتضي صدور المادة من كلا الشخصين، ومن الظاهر عدم تحقق ذلك في محل الكلام.