الأحاديث (1)، وأما في غير ما يهتم الشارع بعدمه من الأمور فلا دليل على وجوب دفع المنكر، وعلى كلا الوجهين فالدليل أخص من المدعى.
وأما النهي عن المنكر فإنه وإن كان سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، وفريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتحل المكاسب وترد المظالم، إلا أنه لا يدل على وجوب دفع المنكر، فإن معنى دفع المنكر هو تعجيز فاعله عن الاتيان به وايجاده في الخارج، سواء ارتدع عنه باختياره أم لم يرتد، والنهي عن المنكر ليس إلا ردع الفاعل وزجره عنه على مراتبه المقررة في الشريعة المقدسة، وعلى الاجمال أنه لا وجه لقياس دفع المنكر على رفعه.
وأما رواية أبي حمزة، فمضافا إلى ضعف السند فيها أنها أجنبية عن رفع المنكر فضلا عن دفعه، لاختصاصها بحرمة إعانة الظلمة.
قال المحقق الإيرواني: الرفع هنا ليس إلا الدفع، فمن شرع بشرب الخمر فبالنسبة إلى جرعه شرب لا معنى للنهي عنه، وبالنسبة إلى ما لم يشرب كان النهي دفعا عنه (2).
وفيه: أن مرجع الرفع وإن كان إلى الدفع بالتحليل والتدقيق، إلا أن الأحكام الشرعية وموضوعاتها لا تبتني على التدقيقات العقلية، ولا شبهة في صدق رفع المنكر في العرف والشرع على منع العاصي عن اتمام المعصية التي ارتكبها بخلاف الدفع.