بل حكومة تستوحي وتستمد في جميع مجالاتها من القانون الإلهي، وليس لأحد من الولاة الاستبداد برأيه، بل جميع ما يجري في الحكومة وشؤونها ولوازمها لا بد وأن يكون على طبق القانون الإلهي، حتى الإطاعة لولاة الأمر.
نعم، للوالي أن يعمل في الموضوعات على طبق الصلاح للمسلمين، أو لأهل حوزته، وليس ذلك استبدادا بالرأي، بل هو على طبق الصلاح، فرأيه تبع للصلاح كعمله.
وبعد ما عرفت ذلك نقول: إن الأحكام الإلهية - سواء الأحكام المربوطة بالماليات، أو السياسيات، أو الحقوق - لم تنسخ، بل تبقى إلى يوم القيامة، ونفس بقاء تلك الأحكام يقضي بضرورة حكومة وولاية، تضمن حفظ سيادة القانون الإلهي، وتتكفل بإجرائه، ولا يمكن إجراء أحكام الله إلا بها; لئلا يلزم الهرج والمرج.
مع أن حفظ النظام من الواجبات الأكيدة، واختلال أمور المسلمين من الأمور المبغوضة، ولا يقام بذا، ولا يسد هذا إلا بوال وحكومة.
مضافا إلى أن حفظ ثغور المسلمين من التهاجم، وبلادهم من غلبة المعتدين، واجب عقلا وشرعا، ولا يمكن ذلك إلا بتشكيل الحكومة، وكل ذلك من أوضح ما يحتاج إليه المسلمون، ولا يعقل ترك ذلك من الحكيم الصانع.
فما هو دليل الإمامة، بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة ولي الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ولا سيما مع هذه السنين المتمادية، ولعلها تطول - والعياذ بالله - إلى آلاف من السنين، والعلم عنده تعالى.
فهل يعقل من حكمة الباري الحكيم إهمال الأمة الإسلامية، وعدم تعيين تكليف لهم، أو يرضى الحكيم بالهرج والمرج واختلال النظام، ولا يأتي