يسقط من جهة انتفاء القدرة على امتثاله من دون سقوط الملاك، بل الملاك مع بقائه على ملاكيته يفوت من المكلف كسائر الملاكات التي تفوت من المكلف من جهة عجزه عن استيفائها، وهذا بخلاف القسم الأول وهو ما كان لتحقق الموضوع دخل في الملاك، فإن مع عدم وجود الموضوع خارجا لا ملاك واقعا حتى يوجب فواته عن المكلف.
وحاصل الكلام: أن متعلق التكليف إذا كان له ربط بموضوع خارجي، سواء كان مما يمكن للمكلف إيجاده كالخمر أم لا كالوقت والقبلة وأمثال ذلك، لا يخلو حال الموضوع من أحد أمرين لا ثالث لهما، فإنه إما أن يكون للموضوع دخل في تحقق الملاك، وإما أن لا يكون، فإن كان له دخل فلا محالة يكون الحكم مشروطا بوجود الموضوع، والسر في ذلك هو تبعية الحكم للملاك، وإن لم يكن له دخل فلا حالة يكون الحكم مطلقا غير مشروط بوجود الموضوع هذا في عالم الثبوت.
وأما في عالم الاثبات ففي التكاليف العدمية التحريمية طرا تكون من القسم الأول، أي ما كان لوجود الموضوع دخل في تحقق الملاك والمفسدة المقتضية للنهي، بداهة أن الخمر إذا لم يكن موجودا في الخارج فلا معنى لتحقق المفسدة في شربه ولا معنى للنهي عنه، إذ الخمر الذي لا وجود له في الخارج يكون الشرب منتركا بنفسه، فالمنهي عنه ليس إلا الخمر الموجود، وعليه يكون التكليف مشروطا بوجود موضوعه.
ولا يمكن أن يكون التكليف بالنسبة إليه مطلقا بحيث يجب على المكلف إيجاد الخمر مقدمة لترك شربه، بل معنى لا تشرب الخمر إنما هو قضية مشروطة، أي إذا وجد الخمر فلا تشربه، ففي التكاليف العدمية دائما يكون التكليف مشروطا بوجود الموضوع.