أسرف من غني)، فقلت: كيف يكون الفقير أسرف من الغني؟! فقال: (إن الغني ينفق مما أوتي، والفقير ينفق من غير ما أوتي) (1).
وأما الصرف في غير حاجة: فهو أن يصرفه فيما له فائدة لائقة بحاله ولكن لا يكون محتاجا إلى تلك الفائدة، كأن يبني من له عيال أو عيالان ويكفيه بيتان أو ثلاثة أو أربعة، عشرة بيوت أو عشرين ويتركها. ويمكن إدخال ذلك في الثاني أيضا.
ويجمع الثلاثة ما تقدم في كلام صاحب المجمع والأردبيلي، من صرف المال فيما يستقبحه العقلاء أو فيما لا ينبغي (2).
وظهر مما ذكر أن شرط صدق الإسراف: الإتلاف، أو صرف المال وإنفاقه و خرجه، فلو لم يكن شئ منهما لا يكون إسرافا، كجمع ما لا حاجة له إليه و حبسه، أو ما لا يليق بحاله، ولو بتبديل بعض المال ببعض آخر، كأن يجمع ذهبا كثيرا ولا يصرفه في مصرف، أو يبدله بأقمشة وأمتعة كثيرة.
ولهذا ورد في أخبار كثيرة: أنه ليس من الإسراف أن يكون لأحد عشرة أقمصة أو عشرون أو ثلاثون (3)، مع أن في تعدد الثياب فائدة أخرى، هي صون بعضها ببعض.
ويظهر أيضا مما ذكر: أن الاقتصاد هو صرف المال فيما يحتاج إليه، أو فيما يترتب عليه فائدة مقصودة للعقلاء بقدر يليق بحاله.
ومن الفوائد المقصودة: التجمل والزينة المندوب إليهما شرعا، بشرط أن لا يتجاوز القدر اللائق.
ومنها: استيفاء اللذات الجسمية أو النفسانية مما يعده العقلاء لذة، ويطلبها