فنقول: المراد بالحد: حد الاستواء والوسط، أي بين التقتير الذي هو التضييق وبين الإسراف، وهو الذي يسمى بالقصد والاقتصاد; لأنه بمعنى التوسط والاعتدال في الأمور.
وهو الذي أشار إليه سبحانه بقوله: * (لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * فإن القوام: العدل، الذي هو الوسط، كما صرح به الشيخ علي بن إبراهيم كما مر (1).
بل فسره به في مرسلة الفقيه: (قال الله تعالى: * (يسألونك ماذا ينفقون قل العفو) * (2) والعفو: الوسط. وقال تعالى: * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * والقوام: الوسط) (3).
وما يدل على أن الحد، الوسط أيضا قوله سبحانه: * (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) * (4)، فنهى عن الطرفين وبقي الوسط.
ويشير إليه: جعل الإسراف قسيما ومقابلا للقصد في مرفوعة علي بن محمد وله وللتقتير في رواية مسعدة، وكذا في رواية عامر، وجعله فيها أحد طرفي القوام الذي هو الوسط، وفي رواية ابن أبي يعفور، ورواية عبيد، وصرح به في رواية عبد الله بن سنان، المتقدمة جميعا في صدر العائدة.
وكذا يدل عليه ما فسر العفو المأمور بإنفاقه بالوسط، كمرسلة الفقيه المتقدمة.
ومرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: * (ماذا ينفقون قل العفو) * (5) قال: (العفو: الوسط) (6).