والمروي في الصافي في أنه التبذير، سئل عليه السلام عن هذه الآية، فقال: (من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد) (1).
ثم المراد بالوسط الذي يكون التجاوز عنه إسرافا: هو ما يسمى وسطا عرفا; لان المرجع في معرفة حقائق اللغوية هي المصاديق العرفية، فالمرجع في معرفة الوسط هو العرف، والوسط في العرف: هو صرف المال في القدر المحتاج إليه، أو اللائق بحال الشخص; فكل صرف مال وإنفاق لم يكن كذلك فهو يكون إسرافا، سواء لم يكن صرفا وإنفاقا بل كان تضييعا وإتلافا، أو كان صرفا ولم يكن لائقا بحاله أو كان مما لا يحتاج إليه.
وإلى الأول أشار عليه السلام في رواية داود الرقي المتقدمة، من جعل طرح النواة و صب فضل الشراب إسرافا (2).
وإلى الثاني أشار عليه السلام في رواية إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: (نعم)، قلت: عشرون؟
قال: (نعم)، قلت: ثلاثون؟ قال: (نعم ليس هذا من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك) (3)، حيث إن هذا ليس إتلافا للمال، بل هو تجاوز عن اللائق بالحال.
وكذا إليه أشار أمير المؤمنين عليه السلام في رواية الأصبغ بن نباته، المروية في الفقيه: (للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويشتري ما ليس له، و يلبس ما ليس له) (4)، يعني ما لا يليق بحاله، كما مر بيانه عن مجمع البحرين (5).