مجاوزة الحد، وعن حد الاستواء، والإنفاق لغير حاجة، وفي غير حقه، وفي غير طاعة الله، وفي المعصية، والإكثار من الذنوب، وما استقبحه العقلاء، والجهل الخاص الذي هو الجهل بمقادير الحقوق، وهذه خمسة عشر معنى.
والظاهر: اتحاد الإغفال والجهل; وكون الجهل بمقادير الحقوق أيضا فردا من مطلق الجهل لا معنى برأسه; واتحاد الخطأ والخطل، فيعود إلى اثني عشر.
وكذا الظاهر: أن ضد القصد هو مجاوزة الحد، والمراد بالحد أيضا هو حد الاستواء; وأن الإنفاق في غير الحاجة هو الإنفاق في غير حقه، والإنفاق لغير حاجة أيضا فرد من مجاوزة الحد، فإذا كان في المال يقال: الإنفاق بغير حاجة، و إذا كان في الأفعال يقال: مجاوزة الحد. وأن الإكثار من الذنوب أيضا فرد من هذا التجاوز لا معنى آخر. وأن التبذير الذي هو تفريق المال فيما لا ينبغي أيضا فرد من الإنفاق في غير حاجة. وأن المراد من (في غير طاعة الله) هو في المعصية، و إلا فالإنفاق بالمباح ليس إسرافا.
فيعود مجموع المعاني إلى خمسة:
الجهل، وإن شئت قلت: الإغفال، والخطأ، ومجاوزة الحد، وإن شئت قلت: ضد القصد، والإنفاق في معصية الله، وما استقبحه العقلاء.
ولما لم يكون إرادة المعنيين الأولين - أي الجهل والخطأ - من الإسراف في المال - الذي كلامنا فيه وغرضنا بيانه - إلا بنوع إرجاع إلى أحد الثلاثة الأخيرة، فالمعنى الذي يمكن إرادته من الإسراف في المال هو أحد هذه الثلاثة.
بل لما كان كل مجاوزة من الحد في المال مستقبحا للعقلاء، وكل مستقبح فيه مجاوزة عن الحد، تعود المعاني الممكنة إرادتها من هذه المعاني إلى أحد المعنيين: الإنفاق في المعصية، ومجاوزة الحد.
وإن شئت عبرت عن الأخير بالإنفاق المستقبح عند العقلاء، أو الإنفاق في غير حاجة، أو فيما لا ينبغي، أوفي غير حقه، أو خلاف الاقتصاد; فإن مآل الكل ومرجعه واحد.