بل يعم كل خبر مستند إلى الحس والعيان من الروايات والإخبار عن الوقائع، والصنائع، والقيم، والأحوال، والطهارات، والنجاسات، والمعاملات، والشهادات في استخراج الحقوق، وطي الدعاوي، وغيرها، فيكون الكل مقبولا إلا ما أخرجه الدليل.
ثم المراد بالاستناد إلى الحس والإخبار عن الحس: هو ما كان كذلك عرفا، سواء كان نفس المخبر عنه محسوسا، كقوله: رأيت أنه وضع النار على يد فلان فأحرقه، أو: وضع السكين على حلقومه فقطعه، أو لازما لمحسوس بحيث يدل على المحسوس بدلالة الالتزام، كقوله: رأيته أنه أحرق يد زيد بالنار، أو: رأيت أنه قتله، فإن الإحراق والقتل وإن لم يكونا محسوسين، لكنهما يدلان التزاما على إحساس أسبابهما الموجبة لهما.
واحتمال الاشتباه في السببية بعد عدالة الشاهد غير مضر، كما لا يضر احتمال الاشتباه في الوضع على الحلقوم، إلا إذا كان الخبر ممن يحتمل في حقه الاشتباه في الأسباب، فتنتفي الدلالة الالتزامية، فيستفسر حينئذ عما رآه من سبب القتل.
وبالجملة: المعتبر إما الإخبار عن المحسوس، أو عما يدل عليه دلالة التزامية.
ولا يلزم في صدق الإخبار عن المحسوس، أو عما يدل عليه دلالة التزامية.
ولا يلزم في صدق الإخبار عن الحس كون المخبر عنه بتمام أجزائه محسوسا، بل هو غير ممكن غالبا أو دائما، فإن الإخبار عن رؤية زيد لا يخلو عن غير محسوس أيضا، وهو درك أنه زيد، بل اللازم كونه محسوسا صرفا إن أمكن، أو متضمنا لما يترتب وجدانه على المحسوس من غير احتمال اشتباه وخطأ فيه عادة، إما مطلقا أو في حق ذلك المخبر بخصوصه، فإن الخبر حينئذ يستند إلى الحس عرفا.
ويقال عرفا: إنه إخبار عن مشاهدة وحس فلو قال الشاعر الماهر: رأيت شعر زيد موزونا، يقال عرفا: إنه إخبار عن المحسوس، وإن لم تكن الموزونية محسوسة حقيقة بل هي أمر وجداني.
ومثله ما إذا قال العربي العالم بالفارسي: سمعت إقرار زيد العجمي باشتغال