كفاية الطهارة المعلومة سابقا، والنجاسة كذلك، فهل الطهارة والنجاسة السابقتان قسمان لهما حال الصلاة، أو معرفتان شرعيتان لهما في الحال؟
وكالملكية المعتبرة في جواز البيع والوقف والإجارة والإعارة، ويثبت كفاية اليد في جواز هذه الأمور، فهل الأصل قسمية اليد للملكية، أو معرفيتها شرعا لها؟ إلى غير ذلك.
لا شك أن الأصل هو القسمية ما لم تكن قرينة على المعرفية، إذ المفروض أنه لا ملازمة عقلية ولا عادية ولا شرعية بين ذلك الأمر والأمر الأول، فلو كان معرفا له لكان بحسب الشرع، والمفروض عدم دليل على المعرفية، فتنتفي بالأصل.
وأيضا ثبت بالدليل الشرعي كفاية الأمر الثاني أيضا في ثبوت الحكم، و كونه لأجل كشفه عن الأول أمر زائد يحتاج الحكم به إلى الدليل.
والحاصل: أن المعرفية الواقعية منتفية، والشرعية موقوفة على توقيف الشارع والأصل عدمه.
وعلى هذا فلا يحكم بالمعرفية إلا بدليل شرعي من نص - كأن يقول: المأخوذ من يد المسلم مذكى أو محكوم عليه بالتذكية - أو إجماع أو قرينة.
ومن القرائن المثبتة للمعرفية: اشتراط عدم العلم بانتفاء الأمر الأول في ترتب الحكم على الأمر الثاني، فإن المتفاهم عرفا حينئذ كون الثاني معرفا شرعيا للأول وأنه قسم وبدل على العلم بالأمر الأول.
ولذا لم يقل أحد بعدم اشتراط التذكية، ولا الطهارة، ولا الملكية، ولا العدالة، وكفاية سوق المسلم، والطهارة السابقة، واليد، وظاهر الإسلام في الحلية، والطهارة الحالية، وجواز البيع، وقبول الشهادة.
بل قالوا: بأن ما في السوق مذكى شرعا، والطاهر الاستصحابي طاهر شرعا، وما في يد فلان ملكه شرعا، وظاهر الإسلام مقتض للعدالة.
ولذا لو نذر أحد أن يأكل اللحم المذكى شرعا، وأن يجتنب عن غير المذكى