ثم المراد من التسامح الذي يقلد فيه: هو مجرد الإتيان بفعل ورد استحبابه أو إعطاء ثواب عليه بمثل خبر غير معلوم الحجية، أو بوجوده في كتاب فقيه أو عالم، أو سماع منه أو نحوها ما لم يعلم خلافه. وأما جواز تركه الذي هو أيضا من أجزاء حقيقة المستحب، وهو مما لا يتسامح فيه ولا يجوز اتباع غير قول من قوله حجة له فيه.
فلو احتمل عند العامي وجود أمر وجد الثواب على فعله، أو استحبابه بدليل يتسامح فيه، لم يجز له نفي الوجوب بذلك والدليل من جهة استحباب الفعل.
وكذا لا يجوز له دفع حرمته المحتملة بالتسامح والدليل الذي يتسامح به 1.
وعلى هذا فكل أمر يريد العامي أن يتسامح فيه، فإن لم يكن عنده محتملا للوجوب أو الحرمة ولو لجهل ساذج فهو.
وإلا فإن كان بناؤه بفتوى مجتهده على إجراء المقلد أصالة عدم الوجوب والحرمة قبل الفحص عن المظان التي يكون شأن المقلد التفحص فيها، فيبني فيهما على الأصل أولا ثم يتسامح لاستحبابه.
وإلا فيتفحص فيه أولا عمن قوله له حجة شرعية عما يحتمله من الوجوب أو الحرمة، ثم يعمل بالتسامح بعد انتفاء الوجوب أو الحرمة.
وإن أفتى بأحدهما يبني الأمر عليه، لأن التسامح لا يثبت إلا إعطاء الثواب على الفعل، وهو لا ينافي العقاب على الترك إذا أفتى مفتيه بالوجوب، ولأن التسامح إنما يعمل به إذا لم يكن دليل على عدم جواز الفعل، وقول مفتيه دليل لازم الاتباع له على الحرمة إذا أفتى بها.
وإذا أفتى بعض المجتهدين الأحياء بأحد الأمرين دون البعض، فله الخيار في تقليد أي الفريقين شاء في حكم الوجوب أو الحرمة أو عدمه، ثم بعد التقليد في