ترك الانكار في تقليد غير العلماء لهم من غير مانع لهم من الانكار، بل ترغيبهم عليه وذمهم على تركه.
بل هذا أمر واضح لكل عامي حتى النسوان والصبيان; لأنهم يرجعون فيما لا يعلمون إلى العلماء. وليس علم كل عامي بأن ما لا يعلمه من أحكام الله يجب أخذه من العالم، أضعف من علمه بوجوب الصلاة وكونها مثلا أربع ركعات.
ويدل عليه أيضا: أنه لا شك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبعوث إلى العالم والعامي، و ليس بعثه مقصورا على العلماء، وأن أحكامه مقررة للفريقين من غير تفرقة بينهما.
ولا شك أيضا أنه لم يقرر هذه الأحكام لكل أحد حتى من لم يتمكن من الوصول إليها وتحصيلها بعد السعي والاجتهاد، ولم يخصصها أيضا بمن وصلت إليه هذه الأحكام من دون سعي وفحص.
بل أتى بها وأمر بالفحص عنها فحصا تاما، بمعنى أنا أمرنا بالفحص عن أحكام الرسول; بل وجوب هذا الفحص مما يحكم به العقل القاطع، فمن وصل إليه بعد الفحص فهو حكمه، وإلا فهو معذور، فكل من العلماء والعوام بالفحص مأمور، وفي تركه غير معذور.
ثم إن الفحص تارة يكون بالفحص عن مأخذها ومداركها واستنباطها منها بعد فهم المراد منها، وعلاج معارضتها، ورفع اختلالاتها، ورفع شبهاتها، و نحو ذلك.
وأخرى بالفحص عمن فعل ذلك.
ومن البديهيات القطعية: أن أمر غير العلماء في زمان من الأزمنة بالفحص بالطريق الأول يوجب العسر الشديد والحرج العظيم واختلال أمر المعاش و تعطيل أكثر الأمور، سيما بعد مرور الدهور.
فغير العلماء الذين يسهل لهم الاجتهاد ينحصر طريق فحصهم - المكلفين به في جميع الأزمنة - بالسؤال عمن فحص بالطريق الأول، فيكون واجبا عليه.