يجب الرجوع إلى العرف، يكون هو بنفسه مجتهدا في هذه المسألة.
نعم لو لم يكن الخمر متعلقة لحكم من الشارع، يعمل المقلد فيه بما فهم.
وكذا إذا حكم الفقيه بأن إناء الذهب غير جائز الاستعمال، وفسر الاناء بما يشتمل المكحلة وظرف المرآة; والاستعمال، بما يشمل رؤية الوجه في المرآة أيضا، فإنه يجب على المقلد قبول الحرمة فيما فسره به، ولا يجوز له أن يقول: لا تقليد في الموضوع; لشمول جميع الأدلة لهذا الاستنباط أيضا، لأنه إخبار عن قول الشارع.
نعم لو قال الفقيه: إن مراد الشارع الاناء والاستعمال العرفيين، يجب على المقلد قبوله.
ولو اختلفا حينئذ في فهم المعنى العرفي، لا يجب فيه التقليد; لأنه ليس إخبارا عن قول الإمام، بل قال: إن الامام حرم الاناء العرفي، ولكني أفهم أن العرف يحكم بكون ذلك إناء، فهذا اختلاف فيما نسب إلى العرف.
ولو قال المقلد: إني أعلم أن مراد الشارع الاناء العرفي، فهو نفسه يكون مجتهدا في هذه المسألة.
وبالجملة: الثابت من الأدلة هو وجوب الافتاء والتقليد في جميع ما يحكيه عن الشارع وينسبه إليه من الأمور الشرعية الفرعية من حيث هو هو.
وأما غير ذلك فلا يجب على الفقيه فيه الافتاء ولا على المقلد القبول ما لم يكن حكما في مقام التخاصم والتنازع، فلا يقبل قوله في غير مقام المرافعة في رؤية الهلال، ووقوع النجاسة في هذا الاناء، ووقوع التذكية على ذلك الجلد، ونحو ذلك مما ليس فيه إخبار عن قول الشارع; لعدم دليل عليه. فإن الاخبار إنما هي واردة في أحكام الأئمة وعلومهم، وقضاياهم ونحو ذلك، ولا يشمل شئ منها مثل رؤية الهلال.
وبالجملة: جميع الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الفقهاء وحكمهم واردة فيما يتعلق بالدعاوي والقضاء بين الخصوم، والفتوى في الأحكام الشرعية.