فعلى الأول فلا بحث عليه إجماعا بل ضرورة، ولا عقاب وان لم يثبت هذا الدليل عند غيره، لان كلا مكلف مما أدى إليه نظره، ومن هذا القبيل اجتهادات جميع المجتهدين، مع أنهم يؤجرون عليه ويثابون.
وعلى الثاني: فلا معنى لقصد العبادة والطاعة، إذ القصد ليس أمرا اختياريا، والاختياري هو الاخطار بالبال والتصور، ومجرد ذلك بدون التصديق بذلك لا يثمر ثمرا، بل يكون معتقدا لعدم شرعيته، فكيف يمكن اعتقاد الشرعية؟!
مع أنه مع عدم اعتقاد الشرعية وعدم التصديق به لم يكن مجرد تصور ذلك و إخطاره بالبال محرما.
وبالجملة: الفعل الذي لم يدل دليل فاعله إلى شرعيته إما يفعله من غير اعتقاد شرعيته، فلا دليل على حرمته ولو تصور أو خطر بباله الشرعية، أو يفعله باعتقادها، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بدليل.
وببعض ذلك صرح المحقق (الخوانساري) في شرحه على (الروضة البهية) في مسألة استيعاب جميع الرأس بالمسح، حيث قال في الأصل (نعم يكره الاستيعاب، إلا أن يعتقد شرعيته) قال: أي وجوبه أو استحبابه، فيحرم فعله بهذه النية، لحرمة كل عبادة لم تكن متلقاة من الشارع، أو يحرم ذلك الاعتقاد، و فيهما تأمل.
أما في الثاني: فلان الاعتقاد لابد أن يكون ناشئا من اجتهاد أو تقليد، وإذا كان كذلك فلا وجه لحرمته، غاية الامر أن يكون خطأ، والا إثم على الخطأ عندهم، إلا أن يجعل هذا الحكم من قبيل الضروريات.
وفيه - مع أنه ليس كذلك - أنه يلزم حينئذ الحكم بكفر معتقده، لا بتأثيمه فقط، مع أن الظاهر أنه لا يقول به أحد.
وأما في الأول: فلعدم ظهور حرمة العبادة الغير المتلقاة، مع اعتقاد شرعيتها باجتهاد أو تقليد إن فسد الاعتقاد، الا أن يعلم خلافه ضرورة من الدين، والا لاشكل الحكم في كثير من الاجتهادات