من ذكره في غسل الوجه في الوضوء مرتين 1، وفي ذكر تكبير الركوع و السجود في حال الهوي 2، مع أن فيهما خلافا وعليهما دليلا. أولا: أنه لاشك أن الاعتقاد ليس بأمر اختياري، وله مراتب مختلفة في الضعف والشدة، فان بملاحظة دليل من دون فحص قد يحصل نوع اعتقاد، ثم إذا فحص - ولو لم يكن غاية ما يمكن - يزيد الاعتقاد، وإذا فحص غايته يصير أشد، وليس شئ منها بالاختيار.
فمن قصر في السعي واعتقد شيئا بقليل فحص يكون هو نتيجة فحصه، فلا معنى لحرمة هذا الاعتقاد.
نعم يمكن أن يقال: إنه مؤاخذ في الاقتصار على الفحص، وهو أمر اخر غير الاعتقاد.
بل لاوجه لحرمة الفعل أيضا، إذ لا حرمة في الفعل نفسه من حيث هو، ولذا لا يحرم مع عدم اعتقاد الشرعية، ولا مع عدم اعتقادها الحاصل بالفحص، و لا في هذا الاعتقاد، لأنه أمر لازم حاصل من ملاحظة الدليل، فلم يكون حراما؟ 3 مع أنه لا يقارن الفعل حينئذ من الاعتقاد أزيد مما اقتضاه فحصه وسعيه؟
نعم قد يعرض للفعل جهة محرمة لولا ثبوت الشرعية من غير جهة الاعتقاد، وهو أمر اخر، فيحرم الفعل سواء اعتقد الشرعية أم لا، كقول: (امين ) في الصلاة إن لم يكن دعاءا، وكالتكلم بالفارسية في القنوت، حيث إن الأصل حرمة التكلم في الصلاة بغير ما ثبت جوازه، بخلاف ما إذا لم يكن الفعل في نفسه كذلك، كترك قراءة الشعر في الصوم، فإنه لا يحرم مع عدم اعتقاد الشرعية قطعا، فكذا لو اعتقده نوع اعتقاد ولو لأجل ذلك الاعتقاد.