في كتب الأعلام، والدقة والتأمل في فهم تحقيقات العلماء العظام ". وهو بعد أن يعدد اشتغالات النراقي المختلفة يقول: " كان كثير التصنيف في كل فن من الفنون على التحقيق الرشيق والتدقيق والأنيق بحيث لم يسبق إلى تحقيقاته سابق ولم يلحقه لاحق، ومن ذلك فضله قد اشتهر وفشا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وأما من تأخر عنه وإن فاق في الأصول جميع ما فاق واشتهر ذكره في الآفاق، إلا أن همه كان هما واحدا، وفنه كان فنا واحدا. ومن الواضح الذي لا يحتاج إلى البرهان أن ذا الفنون لا يمكنه الإتيان بما يأتيه ذو الفن الواحد في فنه من البحث والبيان، ولا سيما إذا انحصر همه فيه، ولم يشوش خاطره بكدورات أبناء الزمان ومخالطة الإخوان " 1.
رغم أن شيخنا المترجم عاصر كبار الفقهاء المشهورين فقد امتاز بشخصيته العلمية والاجتماعية. إن اشتغال النراقي بالأمور الاجتماعية والسياسية وسعيه إلى طرح المباحث الفقهية الجديدة بشكل تتوافق والمسائل المستحدثة وما في ذلك من حل لمشكلات المسلمين، جعل منه فقيها عالما بزمانه، مجددا مبتكرا. وعبر إدراك عميق لحقائق عصره، وتحقيق ومتابعة موسعة في المصادر الإسلامية والاستفادة من آراء خبراء العلوم المختلفة، في مجال التنقيح وإيضاح المباحث الجديدة، أرسى دعائم أسس ظلت خالدة، وفتح أمامه أفاقا رحبة وجديدة. وقدم ابتكاراتا كثيرة، ميزته عما سواه من الفقهاء السابقين والمعاصرين له، ومن جملة ابتكاراته تأليف كتاب " عوائد الأيام " هذا الذي بين يديك.
وإن الكثير من مباحث كتاب " عوائد الأيام " من ابتكارات مؤلفه، وهي غير موجودة بصورتها الواردة في أي أثر سالف فقد عنى في هذا الكتاب إلى التحقيق في مسائل عد الاطلاع عليها واجبا ولزاما على كل فقيه، وإن مكانها كان خاليا في الكتب السالفة، وما مبحث ولاية الفقيه إلا واحدا من المباحث التي ابتكرها النراقي. على أن فقهاء السلف تطرقوا بشكل جزئي ومحدود إلى مسألة ولاية