والحديث والرجال والدراية والرياضيات والنجوم والحكمة والكلام والآداب والأخلاق، بالإضافة إلى كونه أديبا وشاعرا بليغا باللغة الفارسية. حيث يتجلى ذلك من خلال تأليفاته الكثيرة. فلقد أتاحت له نشأته في الأوساط العلمية فرص التعلم المبكر، ووطرت له عقليته الكبيرة وذكاؤوه الوقاد، القدرة على استيعاب العلوم المتعددة بسهولة، وارتقى سلم العلم حدا يكاد معه أن يعد من علماء الطراز الأول للقرن الثالث عشر الهجري.
ومن المعروف أن الفاضل النراقي قلما تلمذ عند أحد، لكن محققي العلوم الإسلامية يجمعون على أنه كان يخوض وبقوة محيرة غمار التحقيق والتتبع العلمي، النابع من فهمه ودركه الإشراقي والإلهي، وهو في ذلك بلغ أعلى المراتب العلمية ووصل إلى القمم الرفيعة في العلم والمعرفة.
وهيأت له مكانته العلمية والاجتماعية أن يرقى سلم المرجعية والرئاسة في أيام الشباب فأصبح زعيما في الدين والدنيا، مرجوعا إليه في الفتاوى والأحكام.
وأفضل شاهد على ما نقوله في هذا المجال أقوال المترجمين من معاصريه ومن خلفهم من علاء الإسلام، فقد نعت بأفضل النعوت والعبارات، وتحدثوا عن كمالاته وفضائله العلمية وزهده وصدقه ومكانته الاجتماعية. وإليكم جانبا من النعوت التي ساقها كبار العلماء في حقه.
قال تلميذه السيد محمد شفيع الحسيني الچاپلقي البروجردي في وصفه:
" الفاضل العالم المحقق المدقق الماهر، والبحر الزاخر الفائق على الأوائل والأواخر، والجامع بين المعقول والمنقول، ذو يد طويلة في علوم كثيرة، شيخنا وأستادنا الحاج المولى أحمد بن محمد مهدي النراقي أصلا والكاشاني مسكنا، وهذا الشيخ كان رئيسا في الدين والدنيا، مرجوعا إليه في الفتاوى والأحكام " 1.