دوام - كما يشير إليه قوله: على الدوام - فلا شك في وجود أمور تشق على الناس وتعسر عليهم، والعسر أيضا منفي كما عرفت.
بل فيها ما يعد ضيقا عرفا، وهو المراد من الحرج، كما عرفت، فان رفع الأخلاق المذمومة، والمجاهدة مع النفس - سيما بالنسبة إلى بعض الاشخاص - مما لا يخلو من ضيق وحرج.
ومن لاحظ كلمات الفقهاء، بل الاخبار المستدل فيها بنفي الحرج، يرى أنهم نفوا أمور النفي الحرج هي أسهل بكثير من كثير من التكاليف الثابتة.
وأما ما ذكره من ارتكاب الناس لمثلها من دون عوض أو بعوض يسير، فهو غير مسلم في مثل الحج، والخمس، والجهاد، والصيام في الأيام الحارة، و نحوها.
وأما المحاربة للحمية: فهي لا تدل على عدم عسرها وصعوبتها، بل قد يرتكب للحمية أمور واضحة المشقة، ظاهرة الشدة، وجريان العادة بالاتيان بأمثال ذلك إنما هو ليس مجانا، أو بعوض يسير، كما لا يخفى.
ومنها: ما ذكره بعض الفضلاء المعاصرين - وقد مر ذكره في عائدة نفي الضرر - قال - سلمه الله تعالى - بعد ذكر الاشكالين: والذي يقتضيه النظر بعد القطع بأن التكاليف الشاقة والمضار الكثيرة واردة في الشريعة: أن المراد بنفي العسر والحرج والضرر: نفي ما هو زائد على ما هو لازم لطبائع التكليفات الثابتة بالنسبة إلى طاقة أوساط الناس المبرئين عن المرض، والقدر الذي هو معيار التكاليف، بل هي منفية من الأصل الا فيما يثبت، وبقدر ما ثبت.
والحاصل أنا نقول: إن المراد أن الله سبحانه لا يريد بعباده العسر والحرج و الضرر، إلا من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف الأوساط، وهم الأغلبون، فالباقي منفي، سواء لم يثبت أصله أصلا أو ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة.
ثم إن ذلك النفي إما من جهة تنصيص الشارع، كما في كثير من أبواب الفقه