شئ من الاشكالين.
ولعل لذلك لم يتعرض الأكثر لذكر إشكال في ذلك، إذ لا إشكال في تخصيص العمومات بالمخصصات.
ولا يلزم هناك تخصيص الأكثر أيضا 1، فان الأمور العسرة الصعبة غير متناهية، والتكاليف الواردة في الشريعة محصورة متناهية، ومع ذلك أكثرها مما ليس فيه صعوبة ولا مشقة كما بيناه 2.
وأما عدم رضى الله سبحانه بأدنى مشقة في بعض الأمور، ورضاه بما هو أصعب منه كثيرا في بعض، فلا يعلم أن عدم رضاه بالأول لكونه صعبا وعسرا، بل لعله لأمر اخر، ولو علم أنه لذلك، فلا منافاة بين عدم رضاه بمشقة، ورضاه بمشقة أخرى، لمصلحة خفية عنا.
وأما احتجاج الأئمة الأطياب لنفي التكليف في بعض الأمور: بانتفاء العسر والحرج، فهو كاحتجاجهم لحلية بعض الأشياء بقوله سبحانه: (قل لا أجد فيما أوحي إلي) إلى اخره، ومرجعه إلى الاحتجاج بعموم نفيه سبحانه الحرج، و عدم وجود ما يخصص ذلك.
ومن هذا يرتفع الاشكال من بعض الأحاديث الذي نفى الامام فيه الحكم، محتجا بكونه حرجا، مع وجود ما هو أشق منه في الاحكام، فان غرضه عليه السلام ليس أنه منفي لكونه حرجا، ولا يمكن تحقق الحرج في الحكم، بل المراد أنه حرج، فيكون داخلا تحت عموم قوله سبحانه: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) فلا يحكم بخلافه، إلا أن توجد له مخصص، ولا مخصص لهذا الحكم.