المتأخرين، فإنه قد يوجد في كلماتهم تعرض ما لهذا المضمار.
فمنها: ما ذكره شيخنا الحر في كتابه المسمى بالفصول المهمة، قال بعد نقل طائفة من الاخبار النافية للحرج: أقول: نفي الحرج مجمل لا يمكن الجزم به فيما عدا التكليف بما لا يطاق، والا لزم رفع جميع التكاليف 1. انتهى.
وذلك مبني على تحقق العسر والحرج في جميع التكاليف، وقد عرفت فساده. وإجمال نفي الحرج يقتضي رفع اليد عنه في أبواب الفقه، وهو خلاف سيرة الفقهاء وطريقتهم، بل الكل يتمسكون به في موارد كثيرة، كما لا يخفى على المتتبع ومنها: ما ذكره بعض سادة مشايخنا - طاب ثراه - في فوائده، قال - قدس سره - بعد بيان نفي الحرج: وأما ما ورد في هذه الشريعة من التكاليف الشديدة - كالحج، والجهاد، والزكاة بالنسبة إلى بعض الناس، والدية على العاقلة، و نحوها، فليس شئ منها من الحرج، فان العادة قاضية بوقوع مثلها، والناس يرتكبون مثل ذلك من دون تكليف ومن دون عوض، كالمحارب للحمية، أو بعوض يسير، كما إذا أعطي على ذلك اجرة، فانا نرى أن كثيرا يفعلون ذلك بشئ يسير.
وبالجملة: فما جرت العادة بالاتيان بمثله والمسامحة وإن كان عظيما في نفسه، كبذل النفس والمال، فليس ذلك من الحرج في شئ.
نعم تعذيب 2 النفس، وتحريم المباحات، والمنع عن جميع المشتبهات، أو نوع منها على الدوام حرج وضيق، ومثله منتف في الشرع. 3 انتهى.
أقول: هذا في طرف النقيض من الأول، وكما كان الأول إفراطا، فهذا تفريط، فإنه لو سلم انتفاء الحرج عن بعض التكاليف، حيث إنه يعتبر فيه عسر و