وأما الأول (1): فلأنه مخالف لكلمات جميع الأصحاب، فارجع إلى ما قدمنا ذكره من موارد استعمالاتهم الغرر واستدلالاتهم به، حتى ما نقلناه من الشهيد نفسه، حتى من قواعده في موضع آخر (2).
وإذا كان كذلك، ولم يفهم الاختصاص من معناه اللغوي أيضا، بل كان مقتضاه التعميم على ما تقدم، فلا وجه للتخصيص، بل ذكره لا يوافق ما ذكره في هذا الكلام أخيرا أيضا، من جعله الجزاف في مال الإجارة والمضاربة من الغرر، و كذا أس الحائط وقطن الحبة.
ويمكن توجيه كلامه بأن يقال: إن مراده من الجهل بالحصول: عدم الوثوق بحصول ما يقابل الثمن في يده، وعلى هذا، فما علم وجوده ولم يعلم وصفه الموجب لاختلاف القيمة، لم يوثق بحصول ما يقابل الثمن، وهو المتصف بالوصف الأحسن، فيكون غررا.
وإن كان ذلك جهلا من حيث عدم تعيين الوصف أيضا، فكل جهل بالصفة التي تختلف باختلافها القيمة، يكون جهلا من جهة عدم التعيين، وغررا من حيث لا يوثق بحصول ما يقابل الثمن.
فمجهول الصفة وإن كان فيه الغرر أيضا، إلا أنه من جهة عدم الوثوق بحصول ما على الوصف الأحسن.
وعلى هذا: فما كان مجهول الصفة عند المشتري خاصة، ولكن كانت القيمة التي اشتراه بها مما يقابل الوصف الأدون، لا يكون فيه غرر، بل يكون جهلا خاصة، وهو كذلك، هذا.
ولا يخفى: أنه لا يؤثر علم البائع، أو المشتري بكونه في محل الخطر ورضاه به، لأن نهى الشارع عام شامل الصورة العلم، ولا عجب أن ينهى الشارع عن الرضا بجعل المال في معرض الخطر، أو شراء ما في معرض الخطر مع العلم به،