فإنه على القول الأول لا يجب تحصيل عين الكعبة وإن كان قادرا عليه، ويجوز الصلاة إلى المسجد الحرام. وكذا لا يجب تحصيل عين المسجد لمن كان خارج الحرم، مع القدرة.
لكنه لا يمكن إبقاءه على ظاهره، لأنه يلزم على هذا وجوب الصلاة إلى عين الحرم على النائين، وهو محال، بخلاف اعتبار جهة الكعبة.
فالأولى أن يجعل مرادهم من ذلك أيضا اعتبار الجهة للنائي من الحرم. وأما التفرقة بين جهة الكعبة وجهة الحرم فليس على ما ينبغي.
وبالجملة: إذا ثبت اتفاق الفريقين على اعتبار الأمارات للنائي لا يبقى لذلك البحث فائدة.
اللهم إلا أن يقال: إن اعتبارهم الجهة لعله يكون للنائي، بخلاف القريب، فيكون الصلاة في الحرم إلى شطر من المسجد يكون البيت خارجا عنه جزما جائزا، ويكون هذا موضع الثمرة، وهكذا من كان خارج الحرم قريبا منه.
لكن ذكر بعض أصحابنا أن الظاهر عدم الخلاف بين الفريقين في وجوب التوجه إلى الكعبة للمشاهد ومن بحكمه وإن كان خارج المسجد (1). ونقل عن جمع من أصحاب هذا القول التصريح بذلك، وعن المحقق الاجماع على ذلك (2)، وعن الشيخ في أحد قوليه خلاف ذلك (3). ولعل الثاني أقرب بمحل النزاع.
وبالجملة: الأحوط اعتبار قول المتأخرين.
وجمع الشهيد (رحمه الله) بين أخبار الطرفين بأن المراد بالأخبار الأولة الجهة تقريبا إلى أفهام المكلفين، وحينئذ يرتفع الخلاف (4). وهو كلام جيد يظهر لمن تأمل في سياق الأخبار، وراجع الوجدان والاعتبار.
واعلم أن المراد من جهة الكعبة هو جهة محلها، وأساسها من تخوم الأرض إلى عنان السماء.