أما تعلم أنها حملت بذاك أولا، وأن هذا دخل على ذاك، فلم يمكنه أن يخرج حتى خرج هذا، فالذي يخرج آخرا هو أكبرهما " (1).
ويشكل العمل بمثله; لضعفه وإرساله ومخالفته للاعتبار والعرف والعادة، مع أن العمل عليه يستلزم الحكم بأكبرية الثاني وإن تولد بعد أيام، ولو فرض صحة الحديث أيضا فهو لا يقاوم ما دل على تقديم الأكبر; إذ لفظ الأكبر في سائر الأخبار يرجع في معناه إلى العرف، فهو أيضا ترجيح للخبر على الخبر، لا العرف على الخبر، ليصير موردا للمنع.
فالعمدة هنا بيان أنه هل يعتبر الفصل اليسير في تحقق الأكبرية، أو يتسامح فيه فيشتركان فيه؟ وجهان، لا يحضرني من كلام الأصحاب الآن تصريح بحكمه، إلا ما ذكره الشهيد الثاني - رحمه الله - في رسالته في مسألة الحبوة قال: ولو ولد التوأمان على التعاقب ففي اشتراكهما في الأكبر نظر، من زيادة سن السابق على المسبوق ولو يسيرا، فيصدق التفصيل، ومن عدم الاعتداد بمثل ذلك عرفا، وهذا هو الأقوى بشاهد العرف، على أن مثل هذا التفاوت لا يؤثر في التساوي، ومثله ما لو ولدا من امرأتين في وقتين متقاربين، إلا أن العرف قد يأبى هذا القسم في بعض الموارد، وإن قبله في التوأمين.
ثم قال: فالمرجع في ذلك العرف، فمن عدهما متساويين في السن تشاركا فيها، وإلا فلا، وإن حصل الشك يستحق السابق; لأنه المتيقن، وكذا لو زاد على اثنين (2)، انتهى كلامه.
أقول: وفيما ذكره أخيرا نظر; إذ المتيقن إنما هو القدر المشترك بين الأكبرية محضا وبين كونه نظير الأكبر كما لا يخفى، فالمتيقن استحقاقه للشطر، فيرجع في الباقي إلى التخيير أو القرعة أو التقسيم ثانيا، ولا يبعد الترجيح بمحض الأكبرية للسابق مطلقا.