صحيحا.
قال: وكتب إليه محمد بن الفرج في سنة ثمان وثلاثين ومائتين: هذا الحساب لا يتهيأ لكل انسان أن يعمل عليه، إنما هذا لمن يعر ف السنين، ومن يعلم متى كانت السنة الكبيسية ثم يصح له هلال شهر رمضان أول ليلة فإذا صح الهلال لليلته وعرف السنين، صح له ذلك إن شاء الله (1).
ثم إن المشهور أنه فيما لو غمت شهور السنة العمل على عدها ثلاثين ثلاثين، وذهب جماعة من الأصحاب إلى اعتبار عد خمسة أيام; لموافقته للعادة (2)، حتى أنه نقل عن صاحب عجائب المخلوقات أنه قال: قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا، ولكن مع التقييد بغير السنة الكبيسية (3).
ويظهر من المختلف أن اعتماده إنما هو على العادة دون الروايات; لضعفها (4).
وتوجيهه: أن المتبادر مما دل على اعتبار إتمام الثلاثين إنما هو فيما لم تغم جميع الشهور، فإن العرف والعادة إنما جريا على كون شطر الشهور ناقصة، فلا بد من اعتبارها. وأما تعيينه على هذا الوجه - يعني بعنوان عد خمسة أيام - فلغلبة وقوعه أيضا في العادة.
ومرجع هذا الاستدلال العمل بالظن وتقديم الظاهر على الأصل، وأن (5) التكليف بالصوم باق والعلم بأول الشهر متعذر; إذ المفروض انعدام جميع العلامات من الرؤية والبينة والاستفاضة، ولم يبق إلا استصحاب عدم دخول الشهر، واستصحاب عدم تمام الشهر السابق، وهما لا يقاومان هذا الظهور; إذ المناط في حجية الاستصحاب هو حصول الظن، والمفروض فقده، بل خلافه مظنون.