الأول: إذا رؤي الهلال في بلد دون آخر، فإن كانت البلدان متقاربة كان حكمها واحدا في الصوم والإفطار، وإن تباعدت فلكل منهما حكمه.
والمراد بالتباعد: أن يكون بحيث تختلف المطالع، كالحجاز والعراق، وبغداد وخراسان، بخلاف المتقاربة كبغداد والعراق.
واختلف العامة في معنى التباعد، فبعضهم اعتبر مسافة القصر، وبعضهم مسافة يظهر في مثلها تفاوت في المناظر بسبب الارتفاع والانخفاض وإن كان أقل من مسافة القصر، وبعضهم اتحاد الإقليم واختلافه، وبعضهم ما اعتبرناه (1).
ووجهه: أن اختلاف المطالع إنما هو الموجب لاختلاف الرؤية بناءا على أن الأرض كروية كما هو الأصح، فتختلف المطالع، فتطلع الكواكب على جهاتها الشرقية قبل طلوعها على الغربية، وكذلك في الغروب، فيمكن أن لا يرى الهلال قبل الغروب في الشرقية; لقربه من الشمس، ثم يرى في تلك الليلة في الغربية; لتأخر غروبها، فيحصل التباعد بينهما الموجب للرؤية.
قال فخر المحققين: وكل بلد غربي بعيد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي ساعة واحدة (2).
واستدل عليه أيضا في التذكرة بما رواه كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: قدمت الشام فقضيت بها حاجتي، واستهل علي رمضان فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس وذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى تكمل العدة أو نراه، فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟
قال: " لا، هكذا أمرنا