وفي البيان قال: وينوي الصبي الوجوب، ولو نوى الندب جاز (1).
وقال الشهيد الثاني في الروضة: ويتخير بين نية الوجوب والندب; لأن الغرض التمرين على فعل الواجب، ذكره المصنف وغيره وإن كان الندب أولى (2).
أقول: والتحقيق أن يفصل ويقال: لا معنى للوجوب الحقيقي ولا للندب الحقيقي على القول بعدم كون عباداته شرعية; إذ لا خطاب، فلا ندب ولا إيجاب.
وأما على القول بكونها شرعية - كما هو المختار - فعباداته مندوبة لها ثواب، فيتعين قصد الندب.
ويمكن أن يقال حينئذ: المطلوب منه بعنوان الندب إيقاعها مع تصوير قصد الوجوب ندبا.
يعني يستحب أن يأتي بصورة العبادة التي تجب على المكلفين هيئة ونية، فنية الوجوب ليست نفس نية العبادة، بل هي تصور هنا، وحقيقة النية تصديق، فيستحب له تصور الوجوب الذي هو ثابت على المكلفين، فنية الفعل حقيقة هو الندب، وقصد الوجوب إنما هو محض التصور لأجل الاعتياد، ولا غائلة في ذلك.
وما يقال: إن التمرين في النية غير محتاج إليه لكمال سهولة تغييرها عند البلوغ، فهو كما ترى، إذ في ممارسة ذلك كمال التسهيل، سيما فيمن قد تطرؤه الوسوسة في النية والتشكيك، وذلك نظير نية الأجير للحج المندوب ينوي وجوب ما هو مندوب على المستأجر على نفسه.
الثالث: مقتضى اشتراط صحة النية بالإخلاص خلوصها عن شوب سائر الدواعي، والعادة من أعظم الدواعي على الأفعال العادية، فكيف يجتمع هذا مع رجحان تسهيل العبادات على العباد من جهة الاعتياد، وتكليفه بعد البلوغ بتصفية نيته عن شوب داعية العادة من أشق التكاليف، فهذا التسهيل مما يوجب عدم التسهيل،