وحيث تعارض الرجحان والمرجوحية فيهما فلا بد من الترجيح، وهو في جانب الرواية الثانية، للأصل، والاعتضاد بالشهرة العظيمة، والإجماعات المحكية، مع ندرة القائل بالرواية المعارضة، إذ ليس إلا الإسكافي، كما حكاه جماعة (1).
وما يقال: من أن هذه الرواية المعارضة أصح سندا عن رواية الأوداج فضعيف جدا، إذ ليس في سندها سوى إبراهيم بن هاشم الثقة على الصحيح، ولذا عد رواياته في جملة الأبواب من الصحيح، وفاقا لجماعة من المحققين. وعلى تقدير حسنه - كما هو المشهور وعليه بناء القول - فهي بسند آخر في الكافي صحيحة عند الكل مروية.
وأما ما ربما يناقش في دلالتها بعدم ظهورها في اعتبار قطع الأوداج المعتبر عند القائلين بها، وإنما غايتها الدلالة على اشتراط فريها، وهو أعم من القطع جدا، الصادق على مجرد الشق المجامع لعدم القطع أيضا، كما عن الهروي.
فيمكن الذب عنه أولا: بأن الموجود في بعض ما عندي من كتب اللغة تفسيره بما هو ظاهر في القطع، بل ما هو صريح فيه، وحكي أيضا عن القاموس والصحاح.
وثانيا: بأن المتبادر من الفري حيث يطلق في التذكية هو ما يحصل به القطع بحكم التبادر والغلبة.
وثالثا: بأن حمله على الأعم على تقدير تسليمه مخالف للإجماع، إذ القول بعدم الاكتفاء بقطع الحلقوم ولزوم فريها بمعنى الشق لم يذهب إليه