والإجماع وإن كان هو المستند في ذلك إلا أنه لا ينافي الاعتضاد، ويشير إلى قوة الاحتمال، بل وتعينه فهم الراوي فيما تقدم من الصحيحين الأخيرين من حكمه (عليه السلام) في المهدوم عليهم ثبوته في الغرقى، ولذا بعد سماعه الحكم منه (عليه السلام) في المهدوم عليهم اعترض على أبي حنيفة فيما حكم به في الغرقى من دون تربص وتزلزل بحيث يظهر منه أنه فهم كون العلة هو الاشتباه، وإلا فلم يتقدم للغرقى ذكر سابقا لا سؤالا ولا جوابا، والمعصوم (عليه السلام) أقره على فهمه غير معترض عليه بالقياس.
وأنك لم استشعرت من حكمي في المهدوم الاعتراض على أبي حنيفة في الغرقى فهذا القول في غاية القوة ونهاية المتانة، لولا الشهرة العظيمة التي كادت تكون من المتأخرين إجماعا.
وما في الإيضاح من أنه قد روى أن قتلى اليمامة وقتلى صفين لم يرث بعضهم من بعض بل ورثوا الأحياء، قال: فإن صحت الرواية فهي حجة قوية (1).
أقول: ويكفي لنا في الاحتجاج بها انجبارها بالشهرة ولو لم يكن بحسب السند صحيحة.
ويضعف الاعتضاد بوقوع التعدية بعدم وقوعها في الموت من غير سبب، كما يأتي. والإجماع وغيره وإن كانا مستندية إلا أنهما دالان على عدم كون العلة الاشتباه المطلق، بل المقيد بشئ. وهو كما يحتمل خصوصية الموت بالسبب مطلقا، كذا يحتمل خصوصيته به مقيدا بالهدم والغرق خاصة.
والتقييد فيه وإن كان زائدا يوجب مرجوحيته بالإضافة إلى الاحتمال