الخطابات الجدية، فكل فرد من أفراد المستمعين لا يلزم واجديته للشرائط، ولكن يعتبر كون طائفة منهم أن يكونوا واجدين لها، فإنه عند ذلك تترشح تلك الإرادة.
ثانيهما: من التدبر في مجالس التقنين العرفية، وفي محافل التشريعات البشرية، فإنهم إذا لاحظوا أن الدولة تحتاج إلى النظام، فلا بد من ضرب قانون التجنيد، لما فيه مصالح الأمة والمملكة، فإذا تم القانون يلقونه - حسب الأسباب الموجودة المتعارفة - إلى أفراد الدولة وآحاد القطر المعين، فمن كان واجدا للشرائط المقررة في القانون، يكون مورد التكليف.
ولا تكون إراداتهم في ضرب القانون المزبور، كثيرة حسب الآحاد الموجودة بالفعل، ولا يوجد بعد ذلك في أنفسهم الإرادة الأخرى حسب الأفراد المعدومة، لانعدامهم بأنفسهم، مع بقاء قوانينهم المضروبة في الدفاتر والدساتير، فلا يعقل في حقهم حصول الإرادة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يوجدون بعد ذلك.
ولكن مع ذلك كله، يكون القانون نافذا في حق الكل، ولا يختص العاجز ولا الجاهل والناسي بخطاب حتى يلزم المحال، بل الكل مكلفون، وهم بين معذورين، وبين من لا يعذر، فيكون التكليف والقانون الواحد الكلي، متساوي النسبة بالنسبة إلى جميع الأفراد، وبالنسبة إلى جميع الآحاد، عاجزا كان أو قادرا.
فما هو مورد الخطاب، عنوان جامع كلي ينطبق على جميع الأصناف والأفراد على حد سواء، ولأجل الانطباق المزبور يكون الكلي مورد التكليف بما أنه انسان، أو بما أنه مؤمن وهكذا، لا بما أنه عالم، أو قادر، أو ذاكر، فإنه تصرف في القانون على وجه غير جائز.
نعم، إذا اخذ عنوان " القادر " فيخرج مقابله، وهكذا سائر العناوين.
فبالجملة: بالنظر إلى هذه الطريقة الواضحة في القوانين العرفية، يظهر ما هو المقصود بالذات، وما هو الوجه في طريق تصوير الخطاب بالنسبة إلى الجاهل