وبعبارة أخرى: كل من الأهم والمهم مشروطان بالنسبة إلى موضوعهما، ومنجزان، لوجود موضوعهما، ويلزم من تنجزهما طلب الجمع بين الضدين، كما في المثال المزبور.
أقول: قد تفصى عن هذه الشبهة جميع القائلين بالترتب، على اختلاف تعابيرهم ومسالكهم (1)، ولكن قد تبين أن مع تحقق موضوع المهم في عرض تحقق موضوع الأهم، لا يمكن التفصي عن هذه العويصة أيضا.
ولو قيل: الأمر بالأهم يستلزم النهي عن العصيان، والأمر بالمهم لا يدعو إلى العصيان، ويكون موضوعه العصيان، أو شرطه، فكيف يلزم طلب الجمع؟! بل يمتنع اللزوم المتوهم، كما هو الظاهر (2).
قلنا: نعم، إلا أن ذلك يدفع طلب الجمع، إذا كان دليل الأهم غير باق حال تحقق العصيان الذي هو الشرط أو الموضوع، وأما مع بقائه ففعلية الأهم حال تحققه، يلزم منها التالي الفاسد المزبور قطعا.
ومن هنا يظهر: أن جعل العصيان المتأخر شرطا لفعلية المهم (3) لا ينفع، لأن الإشكال ناشئ من تنجز المهم وفعليته في عرض فعلية الأهم وتنجزه، وإذا كان مع تأخر الشرط المهم منجزا فالشبهة أقوى، لاتحاد موضوع الأهم والمهم، مع تنجز التكليفين المختلفين في الاقتضاء والدعوة.
كما أن جعل الشرط عنوان " العصيان " المنتزع من الأمر الاستقبالي - وهو " الذي يعصي " مثلا (4) - لا ينفع شيئا، فلا بد للفرار من الشبهة من الالتزام: بأن المهم