فيمكن توهم البراءة، ضرورة أن الشك فيما هو الأهم، شك في أن الشرع ألزم اختيار محتمل الأهمية.
نعم، إن قلنا: بأن إلزام الأهم ليس بحكم الشرع، بل هو إلزام العقل بعد درك الأهمية، وإذا شك في الأهم يشك في أن الاشتغال بالمهم، عذر بالنسبة إلى ترك الأهم، أم لا، والعقل يحكم بلزوم كون العبد معذورا في مقابل التكليف المعلوم، ولا شبهة في معلومية محتمل الأهم من حيث فعلية التكليف، فصرف القدرة في جانبه عذر بالنسبة إلى المهم قطعا، وأما صرفها في جانب المهم فمشكوكة عذريته بالنسبة إلى الأهم، فافهم وتأمل تعرف.
وإن قلنا: كل واحد من التكليفين بالبناء على الترك يسقط، فلو بنى على ترك معلوم الأهمية يسقط أمره، دون أمر المهم، والاشتغال بالمهم المأمور به لا يعد عذرا بالنسبة إلى ترك مرام المولى الأهم وإذا كان المرام في أحد الجانبين محتمل الأهمية، فالبناء على ترك المهم وإتيان المحتمل، عذر قطعي بالنسبة إلى التكليف المعلوم، وأما البناء على ترك محتمل الأهمية بإتيان المهم، فمشكوكة عذريته.
اللهم إلا أن يقال: بأن الذي يجده العقل هنا - بعد الاطلاع على مرام المولى في جانب الصلاة والإزالة - هو أنه يدرك رضا المولى بترك المهم عند القدرة الواحدة، ولا يرضى بترك الأهم، فلا بد من إتيان الأهم، وإذا شك في الأهمية يشك في حدود رضا المولى، وهو مشكوك، فلا معين لمحتمل الأهمية.
ومجرد كون الإتيان به عذرا قطعيا غير كاف، وإلا ففي الأقل والأكثر نعلم أن إتيان الأكثر يورث القطع بالبراءة، ويكون عذرا قطعيا، ولكنه لا يجب، لعدم العلم بحدود الجعل.
وفيما نحن فيه على هذا، يرجع الشك إلى حدود رضا المولى، والمقدار