التزاحم، كون الإطلاق رفض القيود لا جمعه، وإلا تكن المسألة من صغريات باب التعارض، فلا يتحقق التزاحم، حتى نحتاج إلى علاجه، وإلى أحكامه، وإلى الترتب وغيره، وذلك لأن معنى " صل " أي تجب الصلاة الغصبية والصلاة غير الغصبية، ومعنى " لا تغصب " أي يحرم الغصب الصلاتي والغصب غير الصلاتي، فإذن لا يمكن إجراء مبادئ التزاحم، لتعارض الدليلين في مورد الاجتماع.
وهكذا يكون معنى " أزل النجاسة عن المسجد " أن الإزالة المقارنة مع الصلاة واجبة، ومعنى " صل " أن الصلاة المقارنة مع الإزالة واجبة، فيرجع إلى التكليف بالجمع، ونعلم حينئذ بكذب أحدهما، فيكون التكاذب بينهما بالعرض، كما في مثل المعارضة بين دليل صلاة الجمعة والظهر، فتدبر.
فهذه المقدمة تكون نافعة لتحقق موضوع البحث في هذه المرحلة، لا في حل مشكلة المسألة، كما لا يخفى.
" والثالثة: أن الأوامر المتعلقة بالطبائع، لا تعرض لها لأحوال الطبيعة وأفرادها، ومنه يظهر بالأولوية عدم تعرضها لحال المزاحمات الواقعة بين الأفراد في الخارج، وفي مقام الامتثال، ويظهر أن التزاحم الواقع بينها يكون بالعرض، لا بالذات، وهذا واضح لا غبار عليه.
واتضح بذلك بطلان اشتراط المهم بعصيان الأهم، الذي يبتني عليه أساس الترتب، لأن المراد من " الشرطية " إن كان أنه شرط شرعا، فقد عرفت قصور الأدلة عن التعرض لحال التزاحم بين الأفراد، المتأخر عن الطبائع، المتأخرة عن التقنين والجعل برتبتين.
ولو قلنا: بعدم التأخر، فلا شبهة في أن الأمر لا يكون له إلا الهيئة والمادة، ولا يدل شئ منهما على ذلك بالضرورة.