والذي لا شبهة فيه: أن في الشريعة عدة واجبات هامة، كحفظ بيضة الاسلام والنظام والحكومة، وحفظ النفوس والأعراض وأمثالها، فإنها في مقام المعارضة تقدم على غيرها وهكذا، كتقدم الواجب على المستحب، والحرام على المستحب، لو اتفق فرضا التزاحم بينهما.
وبالجملة: يقدم ما هو الأهم في نظر الشرع أو المتشرعة على غيره في جميع أنحاء المتزاحمين اللذين مر جمع منها (1).
وهذه المسألة بالمراجعة إلى محالها المبتلى بها، يظهر حكمها، ولا قاعدة كلية يرجع إليها، إلا أنه ربما يمكن تخيل بعض الكليات:
فمنها: أن الواجب الثابت بالكتاب يقدم على الثابت بالسنة، إذا لم يكن في البين مرجح آخر. وهذا الشرط لا بد وأن يراعى في جانب جميع المرجحات، فإن الجهة المبحوث عنها مشروطة بذلك الشرط طبعا.
أو الثابت بالسنة القطعية والضرورة مقدم على غيره، ضرورة أن من قطعية السند، ومن تعرض الكتاب والسنة القطعية، يعلم أهمية الحكم في نظر صاحب الشريعة، فكما أن الكتاب مرجع أو مرجح في باب التعارض، كذلك هو المرجح في هذا الباب.
إن قلت: قطعية السنة من الاتفاقيات.
قلت: ربما يستكشف منها اهتمام صاحب الشريعة، حتى توفرت الدواعي لنقلها وكتبها، فليتأمل.
وبالجملة: على القول بأن اختلاف قاعدتي الحرج والضرر في مورد من التزاحم (2)، تقدم الأولى، فتأمل.