هذا مع أنه يتوجه إليه الإشكال المذكور في كلامه على القوم، وذلك لأن من اختلاف الحالات، إذا كان يلزم اختلاف الأحكام، فتتوسع الإرادة وتنقبض، وهو محال.
مثلا: إذا ورد " أكرم العلماء إلا الفساق منهم " فيجب إكرام زيد العادل، وإذا صار فاسقا ينقلب الوجوب، ويسقط الحكم الفعلي، فكما تنحل هذه المشكلة: بأن التغير في الحالات الخارجية لا يورث التغيير في الإرادة، ضرورة أن المراد بالإرادة هو وجوب إكرام العالم العادل بنحو القضية الحقيقية، وما ليس مورد الإرادة هو إكرام العادل الفاسق، وتلك الإرادة أزلية، وهكذا اللا إرادة، وما هو يتغير هو الموضوع بحسب الوجود الخارجي، من غير سراية الإرادة إلى زيد الخارجي حتى يتبدل بتبدل حاله، ويسقط بسقوط وصفه، هكذا تنحل في جانب القدرة وغيرها من الأحوال.
نعم، في خصوص الجاهل ثبت الاجماع على الاشتراك.
فبالجملة: لا يتم ما أفاده تفسيرا، ولاما أفاده برهانا على مرامه، فليتدبر جيدا.
أقول: اعلم أن القضايا الشرعية الكلية بمثابة القضايا الحقيقية، فإذا ورد " المستطيع - مثلا - يجب عليه الحج " فهو في قوة القضية الشرطية، أو تكون من القضايا البتية، إلا أن موضوعها قابل للصدق على الأفراد الموجودة، وعلى التي ستوجد، لعدم أخذ قيد في جانب الموضوع حتى تصير قضية خارجية، ومن غير كون الصدق على ما سيوجد فعليا، أو على الأفراد المقدرة الوجود، بل تكون القضية بهذه الخاصة وهكذا إذا قيل: " حرم عليكم الخمر والخنزير ".
فكل حكم شرعي بالنسبة إلى موضوعه المأخوذ في الدليل، من القضايا الحقيقية، وإن كان يمكن أن يوجد أحيانا سائر القضايا، كالخارجية ونحوها.
وغير خفي: أن القضية الحقيقية تارة: تكون شرطية، وأخرى: تكون فعلية،