تصوير المثال: وهو ما إذا ابتلي المكلف بوجوب الحج، ولزوم الطهارة عن الحدث، فمقتضى أن الطهارة لها البدل يقدم الحج، ومقتضى أن الحج قدرته شرعية تقدم الطهارة عليه، ولا يمكن الجمع بين المقتضيين، وعند ذلك إن قلنا: بأن القدرة الشرعية موضوع الدليل، فلا تزاحم عندهم (1).
وإنما الإشكال على مسلكنا: من كون القدرة واسطة في الثبوت، فإنه عند ذلك يشكل الأمر.
نعم، يندفع وينحل بما عرفت بما لا مزيد عليه: من عدم تمامية الكبرى المعروفة، وهي " تقدم ما لا بدل له على ماله البدل " بل وعدم تمامية سائر الكبريات (2)، فعليه يرجع إلى الأهم في نظر الشرع وإلا فتخير.
وغير خفي: أن مجرد الأهمية غير كاف، بل لا بد وأن تصل الأهمية إلى مرتبة اللزوم، وإلا فمن الممكن أهمية واجب على واجب آخر بمقدار لا يجب استيفاؤه.
إذا تبين ذلك، واتضح المقصود ومثال المسألة إجمالا، فلا بأس بأن نذكر ما هو المثال لتلك الكبرى تفصيلا: وهو ما إذا تزاحم واجبان، وكان أحدهما متقدما زمانا، ومقيدا بالقدرة الشرعية، والآخر متأخرا زمانا، ومتقيدا بالقدرة العقلية، أو كان المتقدم الزماني ذا بدل، والمتأخر بلا بدل، فبناء على تمامية الكبريات المزبورة تقع المعارضة بين المزايا، كما هو الظاهر.
فبالجملة: إذا وقعت المزاحمة بين درك الطهارة المائية، ودرك تمام الوقت، فهو من تزاحم المتقدم زمانا الذي يكون مقيدا بالقدرة الشرعية، والمتأخر زمانا الذي هو المقيد عقلا، فإن مقتضى ما تحرر منا: أن ملاك التقدم والتأخر إن تم،