أفاده مرارا، وبنى عليه المسائل العلمية، وبه انحل عنده العويصات والشبهات: أن الشرط ليس جزء دخيلا في الأثر، وإن أطلق عليه في بعض الأحيان فهو هنا غير مقصود، بل الشرط هو طرف ما يحدد المقتضي، وطرف ما يحصل به الخصوصية اللازمة لتأثير المقتضي أثره.
وبعبارة أخرى: لا معنى لتأثير طبيعي النار في طبيعي القطن، ولا لطبيعي الصلاة في طبيعي القرب، أو في سقوط الأمر، بل كما في التكوين يكون النار بحصتها الخاصة مؤثرة، كذلك الصوم والصلاة بحصتهما الخاصة مؤثران، وكما أن تلك الخصوصية تحصل للنار من الإضافة إلى القطن، وتحصل المماسة التي هي شرط التأثير للمقتضي، وليس هو من أجزاء العلة، كذلك تحصل الخصوصية التي بها يكون العقد صحيحا، والصوم صحيحا بالإضافة، وأما هذه الخصوصية فكما تحصل من الإضافة إلى المقارن والمتقدم والمتأخر في التكوين، كذلك الأمر في التشريع (1).
أقول: قد مر منا ما هو الجواب عن مقالته، وإجماله أولا: أنه في التكوين أيضا، لا يعقل حصول الإضافة الفعلية من الطرف المعدوم الفعلي.
وثانيا: أن الأمور التكوينية الخارجية، تكون المؤثرات فيها والمتأثرات بها تابعة للوجود، وهو لا يكون طبيعيا، فلا بد من الشخصية الخارجية حتى يحصل الأثر.
وهذا في الاعتباريات التي تكون أمورا كلية ومفاهيم خالية من الشخصية، غير معقول، بل التحصص لا يعقل أن يحصل إلا بالتقييد، فإذا كان قيد الكلي والطبيعي فعليا، فما هو منشأ هذا القيد لا يعقل معدوميته، بل إذا لاحظنا نسبة القيد إلى ما هو منشأه، فهو يكون بالعلية، فكيف يمكن تأثير المعدوم في الموجود، أو حصول المعلول قبل علته؟!